الأربعاء، 10 مايو 2017

قلم للإيجار

قلم للإيجار 

كثيراً ماكنت أتهم بأنني طابور خامس وإرهابي وتكفيري ومتخلف ...إلخ وأيضاً علماني زنديق تتخذ من ديمقراطية الغرب الصليبي أسوة لك ... وأكثر الإتهامات غرابة تلك أنني معارضة الدولار وأنني عندي حساب بنكي سري في سويسرا وأخفي به مئات الآلاف من الدولارات واليوروهات والين واليوان الصيني , فأهرع إلى حسابي البنكي على الإنترنت لعل أحدهم فعلاً أرسل لي بعض الأموال وأنا لم أعرف بذلك واصاب بخيبة أمل عندما يظهر لي حسابي بالناقص (-) أصلاً هو لا يرتفع فوق مرحلة الناقص إلا بأول الشهر أيام معدودات لا تتعدى عدد غصبع اليد ، ومع ذلك يعود ذلك الأحمق باتهامي أنني قلم مأجور وصحفي مرتزق وأديب السوق من نمط رويات عبير .... إلخ لذا 
 سيداتي آنساتي سادتي  أهيبكم علماً :
أنني لست أديباً ولا كاتباً أو صحفياً ، لست شاعراً ولا شويعراً ، وحتى الشعر من طراز الشعر العامي          ( عمشة يا أغلى الأحباب طسيتك من نقب الباب) لا أجيده ، حتى أنني لم أعد أجيد  الكتابة اليدوية بالقلم والورقة وكم بات هذا يؤرقني ، بعد أن كنت ذو خط حسن و واضح وصريح ومتناسق وبعيداً كل البعد عن خط الأدباء والأطباء .
 نعود للموضوع ، لكني أحياناً أجيد انتقاء الكلمات وصفها بجانب بعضها البعض لتشكل صورة صغيرة , بعد أن يوسوس لي أحد العفاريت بها سراً وعفريت آخر يساعدني على ترتيبها لتصبح فكرة ، عبارة ،  أو مقال صغير أو قصة شخصية أو خاطرة خطِرة ، قد تودي بي وبعفاريتي الصغار إلى الهاوية .
وقد يصدف أنني أدخل بحالة من العصبية والثوران لسبب ما فلا أجد سبيلاً أمامي سوى أن أكتب ما يعتمل في قلبي وعندما أنتهي أجده صالحاً للقراءة وأحب أن أشاركه بعض أصدقائي ، وإن حوى بعض الشتائم التي تنتج عن حالات الهيستيريا عادة ولكنهم يتقبلونها برحابة صدر ويمررونها لي على اعتباري صديق مقرب  ، و ربما أرى يوماً حسناء تمر بقربي ولفرط جمالها يجن عفريتاي الوسواسان ويظلون يهمسون ويوسوسون لي حتى أكتب عنها ولو أسطراً قليلة ، ولو ببقايا فنجان القهوة .
ولكن احياناً ، قد يواجه العفريتان حالة من الجمود والعجز ، وهذا ينتج عن رؤية الظلم والإجرام بحق الإنسانية التي تحدث يومياً فلا يفتآن يحومان ويبحثان عن كلمات تصف الموقف فلا  يجدان لأن الموقف أحياناً بل غالباً يكون أصعب من أن يوصف بالكلمات .
وأحياناً حالة من العجز هي من تدفع العفريتان للهمس والنسنسة داخل رأسي حتى أشتكي للحائط الأزرق أو الأصدقاء الإفتراضيين أو المدونات ... إلخ ، وأنا أعلم أنها شكاية فارغة دون جدوى كعواء كلب شارد من طرف الطريق على سيارة مسرعة في ساعة الغروب .
 إلا أنها تكون شكوى جميلة تطرب لها أذن القارئ وقد ينشج قلبه  لأنه يجد نفسه بها ، ويظن أنه لو قرأها  ستتحقق شكواه وقد ترفع إلى أعلى السلطات الدولية ، وقد تُلبى جميع مطالبه التي يراها "مثلي" محقة دائماً .
 ولكن للأسف أغلب الشكاوى تكون شكاوى ناتجة عن نقص المال والمادة يعني بالفصحى مادية وليست معاناة نفسية وليست آلام الفراق ولا ألم الفقد ولا الحنين ولا الغبار الذي دخل في عيني فجأة ولا كل تلك العواطف المهترئة بل شكواي الدائمة  هي الجيوب المهترئة ، والتهاب الجيوب الأنفية المزمن ! المهم أنها جيوب .
 حتى أنني وصلت لحالة من  ( اللارومنسية ) جعلتي أزرع البصل بجانب وردتي المدللة على شرفتي ، وردتي التي كنت أدللها وأغنجها وأنصبها أميرة كل يوم باتت بنفس الصف مع البصل ...!!!!
لهذا السبب أعلمكم من يريد قلماً للإيجار أنا جاهز (قلم + طبل + ملمع صورة إعلامية ) فقط راتب شهري وقدره كذا (........) بأحد العملتين الصعبتين طبعاً ، والدفع شندي بالتركية وكاش بالإنكليزية وبار بالألمانية ونقداً بالعربية وقبل كتابة أي كلمة ، وسامحونا واستروا ما رأيتم منّا .
ملاحظة : كان العفريتان غائبان  عند كتابة هذا البيان وإلا كنت منعت من كتابته كحال الكثيرين من أصحاب العفاريت ، عفواً الأقلام .
إياد الخطيب – برلين 05.05.2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق